Comments system

111

أهلا وسهلا بكم في وادي سوف الأصيل ***وادي سوف الأصيل ***

5 أغسطس 2010

من تاريخ وادي سُوف (2)

وادي سُوف الهجرة والنشأة

شهدت العصور المنصرمة تنقلات كثير من القبائل العربية من مواطنها القديمة في الحجاز وتهامة واليمن إلى نجد واليمامة والبحرين وعمان والعراق والشام ومصر وشمال أفريقيا.
وقد أخذت تلك الهجرات شكلاً جماعياً حينا, حيث تهاجر معظم بطون القبيلة، أو شكلاً جزئياً فتهاجر بعض فروعها.
وقد كانت تلك التنقلات لأسباب متعددة تفرضها الحياة البدوية التي تعتمد على الترحال طلبا للماء و الكلأ أو بفعل الحروب القبلية في الجاهلية والفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام .
و لم تكن تلك الهجرات كاملة، بمعنى أنه بقى فروع من قبيلتي عدوان و فهم في الحجاز و تهامة ، حتى وقتنا هذا.

مشاركة جديلة قيس بفرعيها عُدوان وفهم في فتح بلاد مصر :
أكدت المصادر التاريخية القديمة إشتراك جديلة قيس بفرعيها عدوان وفهم في الفتح الإسلامي لمصر، و إستيطانها شأنها شأن القبائل العربية الأخرى بل كان لها السواد الأعظم من قيس في تلك البلاد.
واستناداً إلى ما جاء في كتاب صاحب خراج مصر عبدالله بن الحباب إلى الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك خلال الفترة من 103هجري حتى 116هجري، حينما طلب منه إرسال قبائل من قيس إلى مصر، قائلاً: (( أن ليس في مصر من قيس سوى قليل من جديلة وهم فهم وعدوان )).
وعن الهيثم بن عدي قال: (( حدثني غير واحد أن عبيدالله بن الحباب لما ولاه هشام مصر قال: ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وهم فهم وعدوان )).
وعقب الباحث عبدالله خورشيد على كتاب عبدالله بن الحباب قائلاً: (( من الثابت إن قبيلتي فهم وعدوان اشتركا في الفتح (يعني فتح مصر) واختططتا بالفسطاط )) .

هجرة بني عدوان و بني طرود إلى شمال افريقيا مع قبائل بني هلال و بني سُليم :
شهد أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس هجري رحيل قبيلة بني هلال وبني سليم من موطنهم الأصلي في الحجاز إلى شمال أفريقيا عبوراً بالشام ومصر.
وكان الدافع لقبائل العرب للإنتقال من مصر للمغرب هي إجازة الوزير الفاطمي الحسن اليازوري لهم بذلك للتخلص منهم و إنتقاماً من المعز بن باديس حاكم المغرب .
ويبدو أن فروعاً من قبيلتي عدوان و طرود بن سعد بن فهم الذين يجاورون بني هلال وبني سليم سكنا قد رحلوا معهم.
يؤكد ذلك ما أورده ابن خلدون عن جموع القبائل العربية التي وفدت إلى شمال أفريقيا مع بني هلال فقال في تاريخه: (( … وشعوبهم لذلك العهد كما نقلنا هم زغبة ورياح والأثبج وقرة وكلهم من هلال بن عامر … وكان فيهم من غير هلال كثير من فزارة وأشجع وجشم من بطون غطفان وجشم بن معاوية بن بكر بن هوازن وسلول بن مرة ابن صعصعة بن معاوية، والمعقل من بطون اليمنية، وعمرة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وبني ثور بن معاوية بن عباءة البكاء بن عامر بن صعصعة، وعدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان وطرود بطن من فهم بن قيس، إلا انهم مندرجون في هلال وفي الأثبج منهم خصوصاً، لأن الرياسة كانت عند دخولهم للأثبج وهلال فأُدخلوا فيهم وصارو مندرجين في جملتهم)).

هجرة بني عدوان و بني طرود لأرض سُوف و إستقرارهم بها :
رغم الإنتقال المبكر لبني عدوان و بني طرود للشمال الافريقي أواخر القرن الرابع الهجري كما سبق ذكره إلا أنهم مارسوا حياة الحِّل والترحال و لم يكن الإستقرار الفعلي لهم بأرض سُوف إلا مابين القرنين السابع و الثامن الهجري .
فقد ذكر بعض المؤرخين أن بنو عدوان قد قدموا إلى أرض سوف في حدود سنة 1297 م/ 658 هـ و أقاموا بلدة الزقم ثم انتشروا في مناطق أخرى من سُوف .
أما بنو طُرود فقد كانوا مستقرين أول الأمر بباجه والسلوقيه وتستور ونواحيها فأكثر أهلها التشكي منهم , وطلبوا من العمال اخراجهم من تلك البقاع التونسيه , وقد خشيت طرود بطش الأمير أحمد بن محمد بن أبي بكر بعد أن أفضت الولاية إليه في حال رجوعه الى تونس , فتشاوروا واتفقوا على الرحيل الى محلهم الذي كانوا به سابقاً , وهو عقله الطرودي وماحولها , ومازالوا سائرين حتى نزلوا بقرب نفطه ثم انتقلوا من ذلك المحل ( نفطه ) إلى أن وصلوا عقله الطرودي , وكان ذلك في حدود عام 797 هـ/ 1395م .
وكان لهم من المواشي ( الإبل , والغنم , والخيل , والبغال , والحمير ) شيء كثير عمّ تلك الارض , ولهم من الذخائر الحربيه والأموال والحلي والاسلحة ما لا يحصى عددها .
وقد ذكرالشيخ العدواني : أن طرود كانت بعقلة الطرودي وإبلهم ترعى في الميتة وأبي دخان فبعثوا منهم رجلين يطوفان في الارض بحثا عن مراعي لماشيتهم,حتى و صلا ديار بني عدوان فأكرموهما و رحبوا بهما و دعوهم لمجاوتهم.
وهكذا إتخذ بنو طرود لهم مضارب ومنازل بضواحي سُوف ثم دخلوها (الوادي مركز سُوف الآن ) في حدود سنة 1398م / 800 هـ. و بدأ صراعهم مع قبائل زناته التي لم ترحب كثيرًا بمجاوارتهم لها بسبب منافستهم لها على المرعى و الماء .

الهجرات الأخرى لأرض سُوف :
ركزنا فيما سبق عن هجرة بني طرود و بني عدوان لأنها كانت الأبرز من الناحية العددية والزمانية ولأن أغلب أحداث المنطقة قد تركزت حولهما. لكن هذا لا يعني أن أرض سُوف قد كانت لهما دون سواهما فقد شهدت سُوف توافد قبائل أخرى من بني هلال كالفرجان و الربايع و غيرهما. كما استقر بسُوف العديد من السادة الأشراف و ذرياتهم قادمين من المغرب الأقصى و بلاد الجريد . كسيدي علي بن خزان مؤسس بلدة الدبيلة و سيدي عون المتوفى بالمنطقة التي تحمل اسمه و بها ضريحه و مسجده . وسيدي مستور وسيدي عبد الله و غيرهم ...
كما شهدت سُوف في نهاية القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين بعض الهجرات الداخلية المحدودة من الأقاليم القريبة .

نبذة عن قبيلة زناته وإقامتها بوادي سُوف :
ذكر ابن خلدون الكثير من أخبار قبيلة زناته البربرية و بطونها العديدة :((هذا الجيل في المغرب جيل قديم العهد معروف العين و الأثر وهم لهذا العهد آخذون من شعائر العرب في سكنى الخيام و اتخاذ الابل و ركوب الخيل و التغلب في الأرض و ايلاف الرحلتين ....و شعارهم بين البربر اللغة التي يتراطنون بها و هي مشتهرة بنوعها عن سائر رطانة البربر....فمنهم ببلاد النخيل مابين غدامس و السوس الأقصى حتى أن عامة تلك القرى الجريدية بالصحراء منهم كما نذكره. ومنهم قوم بالتلول بجبال طرابلس و ضواحي افريقية و بجبل أوراس بقايا منهم سكنوا مع العرب الهلاليين لهذا العهد و أذعنوا لحكمهم و الأكثر منهم بالمغرب الأوسط حتى أنه ينسب اليهم و يعرف بهم فيقال : وطن زناته.)). كما عدد ابن خلدون شعوبهم و تفرعاتهم فقال : (( ولهم شعوب أكثر من أن تحصى مثل مغراوة و بني يفرن و جراوة و بني يرنيان و وجديجن و غمرة و بني ويجفش و واسين و بني عبد الواد وبني راشد و بني برزال و بني ورنيد و بني زنداك وغيرهم . و في كل واحد من هذه الشعوب بطون متعددة. وكانت مواطن هذا الجيل من لدن جهات طرابلس الى جبل أوراس و الزاب الى قبلة تلمسان ثم الى وادي ملويّة...)).
كما ذكر ابن خلدون أن قوم الكاهنة حاكمة البربر قبل انتشار الاسلام بشمال أفريقيا هم جراوة من زناته : (( وكانت زناته أعظم قبائل البربر و أكثرهم جموعا و بطونا و كان موطن جراوة منهم بجبل أوراس ...و كانت رياستهم للكاهنة دهيا بنت تابنة بن نيقان بن باورا بن أفرد بن وصيلا بن جراو...)).
و قد كان لهم في صدر انتشار الاسلام في المنطقة سطوة و شأنا عظيما خاصة بعد لجوء ادريس بن عبد الله أخو المهدي الى المغرب الأقصى. فقد أجاره البربر و قاموا بدعوته و دعوة بنيه من بعده و نالوا به الملك و غلبوا على المغرب الأقصى و الأوسط و بثوا دعوة ادريس و بنيه من أهله بعده في أهله من زناته مثل بني يفرن و مغراوة .....ثم انقرضت تلك الأجيال.
و تجدد الملك لهم بالمغرب في جيل آخر منهم فكان لبني مرين بالمغرب الأقصى و لبني عبد الواد بالمغرب الأوسط ملك آخر (الدولة المرينية و الدولة الزيانية ) تقاسمهم فيه بنو توجين و الفلُّ من مغراوة (من بطون زناته).
إلا أن سطوتهم و قوتهم أخذت في التقهقر بعد ذلك جراء الضربات الموجعة التي كانوا يتلقونها من بربر صنهاجة حينًا و من عرب بني هلال في أحيان أخرى .
فتفر جمعهم بين القفار ولجأوا الى الصحاري و الجبال. فكانت أرض سُوف ملاذا أمنا لبعض بطونهم (زناته) التي استقروا فيها و أسسوا فيها بعض أمصارهم و أحيائهم كتكسبت القديمة (قرب حي النزلة ) والجرذانية والبليدة القديمة (قرب الرقيبة) .
يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق