Comments system

111

أهلا وسهلا بكم في وادي سوف الأصيل ***وادي سوف الأصيل ***

8 مارس 2013

تراجع التنظيم القبَلِي في وادي سُوف (الجزء الأول)

تمهيد :
لقد عثرت بالصدفة على هذه المقالة في أصلها الإنجليزي  بعنوان " THE DECLINE OF TRIBAL ORGANIZATION IN THE SOUF (S.E. ALGERIA)"  للكاتب " Nlco Kielstra" و التي تؤرخ للأوضاع السياسية و الاجتماعية بمنطقة وادي سُوف قبل وبعد الاحتلال الفرنسي و التي تتطرق للمحة تاريخية عن قبائل و عشائر وادي سُوف و علاقاتهم فيما بينهم و تأثرهم و تأثيرهم في المناطق المجاورة لهم و كيفية تعاملهم مع سلطات الاحتلال الفرنسي كما أنها تتطرق للطرق الصوفية السائدة في المنطقة و تأثيرها على السكان.
و قد استندت هذه المقالة على تقارير و دراسات فرنسية أعدت خلال فترة الاحتلال .
لكن ينبغي الإشارة إلى أن هذه المقالة قد تقدم لنا وصفا للأحداث التي نقلها الكتاب و المسؤولون الفرنسيون الذين كتبوا عن المنطقة من منظور استشراقي أو بحثي قد لا يكون دقيقا بصفة مطلقة أو قد يكون خدمة للأغراض الاستعمارية في تلك الفترة.  
أخيرًا أعتذر عن بعض الأخطاء التي قد ترد عن الترجمة الحرفية لبعض الكلمات أو العبارات التي قد لا تعطي المعنى الحقيقي المقصود من الكاتب .
و نظرًا لطول هذه المقالة نوعا ما (15 صفحة) فقد قمت بتقسيمها إلى أجزاء سأقوم بنشرها تباعا حين الانتهاء من ترجمتها بحول الله تعالى .
                 تراجع التنظيم القبَلِي في سُوف
في هذه المقالة سوف نقوم بتحليل المعلومات المتاحة عن التنظيم السياسي بسُوف في فترة ما قبل الاحتلال الفرنسي و كيف حاولت الحكومة الفرنسية الاستعمارية إعادة تنظيمها و كيف رُفضت من طرف السلطات السياسية التقليدية بالمنطقة في ظل الظروف الاستعمارية على الرغم من محاولات الفرنسيين للحفاظ على الروابط المتاحة. 

                  الجغرافيا الاجتماعية لسُوف
سُوف هي مجموعة من الواحات في الجنوب الشرقي من الجزائر بالقرب من الحدود التونسية.
حول بلدة الواد نجد سبعة بلدات قديمة و قدرا كبيرا من المستوطنات المبعثرة والقرى البدوية التي نشئت خارج المناطق الزراعية و عدد كبير من البدو الرحل.
في كثير من الأحيان فإن هجرة اليد العاملة تجعل من الصعب حصرأعداد السكان والتي يصعب تفسيرها.
التقديرات الأولية تشير أن عدد السكان كان 26.800 نسمة عام 1845 وكان عددهم 37.650 نسمة  في عام1848  أول تعداد رسمي للسكان كان في عام 1883 و الذي  يعطي عدد منخفض  17.629 نسمة و منذ بدايات الثمانينات من القرن الـ 19 بدأ الانفجار السكاني المطرد.فقد بلغ عددهم حوالي 120.000 نسمة في عام 1966.
في عام 1848 كان ما يقرب من نصف عدد السكان بسُوف من البدوالرحل و في عام 1955 تقلص عدد الرحل إلى حوالي الثلث .
بدأ البدو وبشكل تدريجي حياة الإستقرار لفترات من السنة في البيوت وتملكوا غابات النخيل . كما تملك المزارعين قطعان مستقرة من الماشية .
 كانت زراعة النخيل هي المهنة الرئيسية في سُوف و يتم الاحتفاظ بقطعان الماعز والأغنام والإبل على أراضي السهوب حول جميع  أنحاء سُوف.  
أما البدو فقد انخرطوا في عمليات التهريب من وإلى تونس وليبيا كمصدر إضافي للدخل.
و قد كان السُوافة يشتغلون في التجارة الإقليمية منذ عهد ما قبل الاستعمار الفرنسي على طول الطريق الصحراوية من غات و غدامس إلى بسكرة شمالا وعلى طول الطريق الشرقية الغربية بين تونس وتقرت والواحات في جنوب الجزائر.
وبالفعل فقد وجد بالواد أربعة عشرة عائلة من التجار الأثرياء الذين بلغ رأسمالهم مابين 20.000 و 500.000 فرنك فرنسي في حين أن تجارة الترانزيت الآن هي أقل أهمية بكثير مما كانت عليه في الماضي، العائلات التجارية التي نشأت في سُوف لا تزال نشطة في تجارة الجملة والتجزئة.
وقد وجدت الهجرة إلى تونس منذ القرن 18 كما أصبحت الهجرة إلى فرنسا و المدن الجزائرية الأخرى أكثرأهمية بعد عام 1930، ولكن لا يزال هناك جالية كبيرة من سُوف في تونس.
أصبح من الواضح في ذلك الحين أن نحو 5 إلى 10 بالمائة من السكان الذكور البالغين في سُوف كانوا يعملون في التجارة بين الأقاليم و كأيدي عاملة مهاجرة فقد كانت المنطقة نائية ولكن لم تكن معزولة.
التنظيم السياسي في سُوف في عهد الاحتلال الفرنسي

خلال القرنين الـ 17 و الـ 18 الميلادي كان كتاب الشيخ العدواني هو المصدرالمكتوب الوحيد لتاريخ ما قبل الاحتلال بسُوف.
حيث تبدأ الوقائع مابين سنتي 1397 و 1398 ميلادية عندما قدمت إلى منطقة سُوف مجموعة من القبائل تدعى "طرود" والتي وصلت من الجنوب التونسي قادمة من طرابلس بعد أن تم طردهم منها بسبب الخلافات و المشاحنات التي كانت بينهم و بين القبائل الأخرى المستقرة بتلك المناطق . و عبورًا من منطقة الساحل التونسي و صلت قبائل "طرود" إلى سُوف و قد أخذوا تسميتهم بطرود نسبة إلى زعيمهم "طراد بن دعبس". و قد كانت سُوف في ذلك الوقت ملاذا أمنا لهذه القبائل التي أتت مؤخرا فقد كان يهيمن على مراكز المنطقة قبائل "عدوان" في ذلك الوقت.
بعد قدوم قبائل "طرود" إلى سُوف سرعان ما نشب التخاصم والاقتتال بينهم و بين "عدوان" حتى قامت إحدى النساء المرابطات بالمنطقة بتحقيق تسوية و سلام بين المجموعتين القبليتين يسمح لكلا المجموعتين بالعيش و الاستقرار بالمنطقة و مع ذلك فقد ظلت سياسة المعارضة تطبع العلاقة بين "طرود" و"عدوان" الذين كانوا يعيشون حياة شبه بدوية حول بلداتهم الدائمة.
أما أغلب قبائل "طرود" فقد اعتادوا على العيش في مخيمات بالقرب من آبار المياه .
و قد أوصى زعيم "طرود" (طراد بن دعبس) وهوعلى فراش الموت باختيار زعيم للقبيلة حتى تتجنب النزاعات بين الفصائل المختلفة كما أوصاهم بترك عدد من السكان بقراهم و بلداتهم خلال قيامهم بالهجرة والترحال فقد يكون هذا الأمر تقليدًا تاريخيا متعارفا عليه.
عندما بدأ المسؤولون الفرنسيون التعامل مع سُوف لم يشيروا إلى تعاملهم مع أي قيادة فردية بالمنطقة و لكنهم اجتمعوا و تواصلوا مع جماعات من مجالس الشيوخ و الأعيان. في سنة 1855 صدر تقرير عن التنظيم السياسي بسُوف قبل أن يتم إعادة تنظيمها من قبل السلطات الاستعمارية فقد عثروا على نموذج القيادة المزدوجة للفصائل الرئيسية بالواد و كوينين و تغزوت و قمار فلكل منهم زعيم (كبير) أي قائد غير رسمي .
فبالبهيمة مثلا كان هناك زعيمين للبلدة فهذا النمط من القيادة المزدوجة كان ينظر إليه كمظهر من مظاهر الميل لتجنب الصراعات حول انتخاب قائد وحيد  بين مختلف الفصائل و حتى على مستوى العشيرة الواحدة.
ومع ذلك فإن هذا لم يمنع تاريخيا من نشوء خلافات و انقسامات طائفية في قرى كالزقم والبهيمة و كقمار و تغزوت . 
ويقال أنه قد نشأت هذه الانقسامات الطائفية حتى في الأصل الواحد من هذه البلدات .  
استمر العداء بين طرود و عدوان لعدة قرون ، ولكن لا يوجد ذكر لحرب أخرىقد وقعت بينهما. 
في وقت ما غير محدد ربما في القرن الـ 17 كان التقسيم القديم بين المجموعتين يتداخل و يتقاطع من قبل تحالف سياسي جديد حيث  فرّ راعي من طرود (البدو) مع 25 من الإبل المسروقة إلى بلدة تغزوت فمنح حق اللجوء من قبل "سعود"الذين قاوموا الضغوط التي فرضت عليهم من قبل "طرود"  و قد دعاهم ذلك لعقد تحالف مع قرى الزقم و كوينين و مع بلدة سيدي عون الصغيرة و فرقة من بلدة ورماس حيث أن المشاركين في هذا التحالف كانوا يعرفون بـ " أولاد سعود "   كانت بلدتي الزقم و سيدي عون تعدان من قرى "عدوان" أما بلدات تغزوت و كوينين و وورماس فقد استقرت بين سكانها أعداد كبيرة من "طرود". 
تحالف أولاد سعود في جزء كبير منه يمثل معارضة من القرويين المستقرين ضد الهيمنة السياسية للبدو الرحل. 
وكذلك فالاتجاه السائد لهذا التحالف بين القرويين المستقرين أنفسهم للحصول على الدعم من البلدات المجاورة ضد منافسيهم كالزقم ضد البهيمة و سيدي عون ضد الدبيلة و كوينين ضد الواد و تغزوت ضد قمار.هذه الفصائل  سرعان ما أصبحت تشارك في السياسات الإقليمية الرئيسية بالمنطقة.


                                                            يتبع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق