أهلا وسهلا بكم في وادي سوف الأصيل *** " المدينة الرمادية التي فقدت في الصحراء الرمادية كم تغمرني السعادة في الصباح الوردي الذهبي الأبيض أو في وهج الظهيرة الذي يعمي الأبصار أو في المساء ذو الشعاع الأرجواني و البنفسجي ... " ايزابيل أبراهاردت Isabelle Eberhardt " ***

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته *** جديد المدونة عن قريب بحول الله تعالى *** معارك و حوادث حرب التحرير بوادي سوف والصحراء و الحدود *** 1954 معركة حاسي خليفة 17 / 11 / *** معركة صحن الرتم 15 / 03 / 1955 *** معركة هود شيكة 8_9_10 أوت 1955 *** معركة هود سلطان 16_01_1956 *** معركة ادبيديبي 15_01_1956 *** معركة ناحية تمغزة 20_جانفي_1956 *** معركة العلنداية 12_03_1957 *** بالاضافة لبعض الحوادث و الأحداث المتفرقة بالحدود و ضواحي سوف ***

Comments system

1 ديسمبر 2025

معارك و حوادث حرب التحرير بوادي سوف و الحدود و الصحراء ( الجزء الثاني)

 2 -  معركة صحن الـرتم 1955/03/15:

لقد تطوع سبعة من المجاهدين بقيادة الشهيد عمارة محمد لخضر (حمه لخضر) بطلب من قائد منطقة العمليات بالأوراس (شيحاني بشير ) . وذلك قصد تبليغ رسائل ومناشير للمناضلين بالناحية لتقوية النظام السياسي والعسكري لجبهة وجيش التحرير الوطني , ودعوة كل من هو مخلص للوطن بالتزام اليقضة والجهاد في سبيل الله, ولتدعيم صف الثورة بالمال والسلاح . فانطلقت الدورية بقيادة حمه لخضر من مكان يسمى بالقلعة , قرب عين الاثنين ناحية تيردقة بالأوراس , مواصلة سيرها إلى وادي سوف.
إلى أن واصلت إلى قرية الطريفاوي , فتوقفت الدورية بهود خليل عبد الله , و بعد الاتصال والعمل واصلت سيرها إلى خبنة النخلة , واجتمعت بمنزل الريغي عبد الرزاق لأخذ القرارات اللازمة بعد التخطيط والانطلاق إلى القرى المجاورة , ثم العودة إلى التجمع من جديد , و يؤكد في هذه الحالة محمد الأخضر على أن يكون اللقاء في منزل أحد أعوان الاستعمار , قصد عدم الوشاية و الحرج الذي يستطيع معه إعلام العدو بهم , و من هذه الواقعة صار هذا المواطن مناضلا و قدم خدمات عديدة للثورة إلى غاية الاستقلال , و هكذا توجهت ثلاثة مجموعات إلى كل من النخلة والرباح والبياضة .

النشاط السياسي والعسكري للدورية :

ـ الدورية الأولى :

توجهت إلى النخلة حيث كانت ترتدي الزي الفرنسي للجيش , وقصدت منزل أحد القومية المدعو أمعمر وأوهمته بأنها فرقة قادمة من الوادي , تمثل عيون الحاكم الفرنسي , حيث علمت بوجود المجاهدين بالناحية , و ضعف حراسة القومية , فاستدعي في نفس الوقت أحد أعوان الاستعمار أيضا , و هو العيد بن لارة حيث وجه له اللوم فور وصوله لعدم معرفته وإطلاعه  بوجود الفلاقة ( لفظ يطلقه الاحتلال على المجاهدين ) بالناحية . ( ثم أخدهما القائد خارج القرية و قص عليهما قصة تتمثل في قوله لقد علمت بأن فرقة من القومية بقيادة ضابط فرنسي قام بقتل أحد زملائهم فقامت الفرقة بقتل الضابط و التحقت بالثورة فما هو موقفكم منهم ) فقالوا هيا أولا نشرب الشاي فأجابهم بأن الوقت لا يكفينا و اتجه إلى الرباح صحبة أفراد الدورية , و اتصلوا بكاشحة عبد القادر الذي سلم إليهم عدد ثلاث بنادق (الأولى بندقية طليان عيار 7,5 الثانية 86 عيار 9 و الثالثة من نوع خماسي عيار 7,5 ) , ثم ذهبوا إلى الزاوية القادرية واتصلوا بالشريف الإمام  و اتفقوا معه بمدهم بالمساعدات و مواصلة العمل الثوري.
وحاول القائد الاتصال بأحد المضادين للثورة في منزله وطلب منه فتح متجره و تقديم المساعدات فرفض فاقتيد إلى هود   حشيفة (مزرعة نخيل) وأشبعوه ضربا ثم رجعت الدورية إلى قرية الخبنة .
ـ الدورية الثانية :
توجهت إلى البياضة بقيادة لمقدم مبروك قاصدة الزاوية التجانية , فوجدوا الشيخ التجاني محمد العيد غائبا , فاتصلوا بابنه أحمد محمد العيد وطلبوا منه مساندة الزاوية للثورة , فالتزم بذلك و دفع ثمن بندقية وبقي على عهده إلى أن استشهد في مجزرة رمضان 1957.
ثم ذهبت الدورية إلى سلطاني شوشان وكلفته بتحضير الملابس و المواد الغذائية في المستقبل . ثم توجهت إلى مكان اللقاء بالدورية الأولى بالخبنة .
و في الليلة الموالية و بعد تجنيد مجموعة من الشباب حيث ارتفع عدد أفراد الدورية إلى (22) و هم :
( لمقدم محمد مبروك - عمارة محمد لخضر- وادة خليفة - عبد الباري عمار - مسعي أحمد الشائب - دويمي أحمد - حشيفة عثمان - بوغزالة حمد العربي - بوغزالة عبد الكامل - بلالة بشير- ريغي عبد الرزاق - فرجاني العربي - سديرة بشير - وادة قدور - خالدي العيد - هويدي الهادي - حامدي إبراهيم - حماتي علي - داسي العربي - بركة بشير- اثنين غير معروفين ).
بزيادة (15) مجاهدا جديدا ذهبوا إلى الطريفاوي و اختفوا في هود لعويني شرقي القرية , قصد المناعة و بقوا فترة من الزمن ثم تفرعت عن هذه المجموعة دورية صغيرة تتركب من وادة خليفة و فرجاني العربي و عمار بن عبد الباري , و ذلك للاتصال بالشهيد محمد بن الحاج الذي سلم إليهم كمية من اللباس كافية لـ (22) مجاهد و حوالي ثلاثة آلاف رصاصة و التحقوا بدوريتهم .
وفي صباح اليوم الموالي اتجهو إلى قرية الزقم , واستقروا بمنزل مهجور خارج القرية , و اتصلوا بأحد المواطنين طالبين منه تحضير الطعام , إلا أنه ذهب ليهتف للعدو , و لكن والدته العجوز عرفت نيته فطلبت من المجاهدين إخلاء المكان , لأن ابنها قد لا يعمل الخير في اخبار العدو . والتحقوا في الحين شمالا إلى جهة المقرن , و في طريقهم اتجه لمقدم مبروك و حمه لخضر إلى الشيخ الطاهر , و باقي الدورية بقيت في مكان اتفقوا عليه , و عند وصولهم إلى المنزل المذكور أخيرا والذي هو من أعوان الاستعمار , فلم يجدوه بمنزله فأوثقوا حارسه وثاقا و أخذوا منه سلاحه و تركوه أمام المنزل , و كان الحال حوالي الساعة الثانية بعد منتصف النهار , ثم ذهبوا إلى الجديدة للبحث عن المسمى أشتوي العيد , فذهب المقدم مبروك إلى الهود و حمة لخضر إلى المنزل , فلم يجداه و اتصل الأخ لمقدم مبروك ببقية أفراد الدورية في المكان المتفق عليه , و دخل حمة لخضر إلى السوق , فوجده وسط السوق فأطلق عليه الرصاص قائلا هذا جزاء الخائن , فصاح الهالك لقد قتلتني , فزاده رصاصة ثانية و قد سمع أعضاء الدورية دوي الرصاصتين فظنوا أنه تبادل مع العدو ,  فنزل فورا أربعة من المجاهدين لمتابعة الحادثة , فوجدوا الناس أخلوا السوق إلى منازلهم , و بعد هذا الحادث اتجه حمة لخضر صحبة أربعة من المجاهدين إلى المقرن , للتوجيه و المتابعة و جمع المساعدات , أما بقية أفراد الدورية فإنها قد اتجهت إلى تناول العشاء و الراحة صحبة أحد المسبلين و لحق بهم حمه لخضر ليلا .

 تفجير المعركة :

و عند حلول الساعة الرابعة من صباح يوم 15 مارس 1955 , تقدمت قوات العدو وحشدت قواتها من أجل المعركة مع الثوار , و حوالي الساعة الرابعة والربع بدأت المعركة بإطلاق النار من جانب العدو , بعدد سبعة سيارات محملة بالجنود ,  فأعلن الريغي عبد الرزاق و هو حارس على تقدم قوات العدو , فأطلق النار و هو يؤذن و يكبر  فاستشهد في مكانه , و أعطى حمه لخضر تعليماته قائلا : مجموعة تدمر السيارات السبعة  و مجموعة تستعد لمواجهة القوة القادمة للنجدة و ما يأتي من عدد , و الحال أن بعض المجندين بدون سلاح طلب منهم الاختفاء في النخيل داخل الهود , هذا بالإضافة إلى أن الرصاص قديم و لم يسعف البعض من الشباب الذين أدركهم العدو و هم عزل من السلاح , و بقيت المعركة متواصلة إلى منتصف النهار , و جرح فيها حمه لخضر و استشهد ثمانية من المجاهدين و هم ( بوغزالة عبد الكامل - ريغي عبد الرزاق - سديرة بشير - وادة قدور- خالدي العيد - حامدي إبراهيم - حماتي علي - داسي العربي ) . وأُسِرَ واحد من المجاهدين  هو (لمقدم مبروك) .

أما خسائر العدو فقد كانت ضخمة , وغير محدودة , ونظرا  لطابع القتال الذي لا يسمح بالعد و الإحصاء , و لكن بحسب مصادر العدو تبين أنه تلقى خسائر فادحة في الأرواح تتراوح ما بين 80 و 100 عسكري و إصابة عدد مماثل بجروح . 

                                                                                                يتبع ...3 - معركة هود شيكة