بعد محاولة الإغتيال الجبانة التي تعرضت لها إيزابيل إبراهادت ، يومها، بدلا من محاكمة القاتل، حوكمت الضحية و حكم عليها بالطرد باعتبارها شخصا أجنبيا غير مرغوب فيه (لاشتباه الفرنسيين بتجسسها لصالح الألمان و لعدم تقبلهم لاحتكاكها بالأهالي و العيش وفق لعادتهم و تقاليدهم ). بعد صدور الحكم عليها توجهت إيزابيل إلى مرسيليا، حيث عاشت شهور وحدة ويأس طويلة لم ينقذها منها سوى زوجها سليمان إهني الذي كان قد عقد قرانه عليها قبل ذلك بوادي سوف كما سبق ذكره وفق للشريعة الاسلامية فقام بترسيم هذا الزواج مدنيا في المحاكم الفرنسية للتمكن إيزابيل من الحصول على الجنسية الفرنسية ومن ثم العودة إلى الجزائر و بالفعل فقد عادت إيزابيل رفقة رفيق دربها سليمان إهني إلى الجزائر سنة 1902 فتعرفت على الصحافي باروكان الذي كان يستعد لإصدار صحيفة «الأخبار» كمنبر للتعبير عن تطلعات السكان المحليين ضمن إطار الحكم الفرنسي.
لقد عثروا إذا على الزوج سليمان حيا و لكن إيزابيل توفيت إذ لم تستطع الهرب بسبب إصابتها آنذاك بمرض الملاريا .
ستبقى حياة إيزابيل على قصرها (27سنة) لغزا محيرًا للكتاب و الباحثين فقد تحدت كل الظروف و الصعاب في سبيل تحقيق حلمها في عيش حياة البداوة و الترحال في صحراء الجزائر الشاسعة تاركة ورائها حياة المدن و مغرياتها , باحثة عن الصفاء و النقاء الروحي الذي لم تجده إلا بين هؤلاء المسلمين الطيبين من سكان الصحراء.
صارت إيزابيل إذا صحافية في «الأخبار» وكاتبة لحسابها في الوقت نفسه. وعلى هذا الأساس راحت تتجول بين منطقة وأخرى، تكتب قصصا وحكايات وتحقيقات صحافية. لكن تلك المرأة الغريبة الصادقة مع نفسها على الأقل، لم تنظر إلى الجزائر نظرة استشراقية، ولم تكتب لتصف لقراء الفرنسية حياة الحريم، وخفايا القصور وجمال المحضيات ومطابخ أعيان القوم، بل كتبت «عن الناس البسطاء، عن قابلة قانونية، عن جمال، عن مرابط، عن غاسلة للموتى، أو عن أصحاب القوافل وعمالها».
طوال سنتين كانت الأصعب والأجمل في حياتها، في صحبة المحب والوفي سليمان إهني، تجولت إيزابيل وكتبت وراحت تنشر في الصحف المحلية، وأحيانا في الصحف الباريسية، وكانت كتاباتها مفعمة بالتمرد على القيم الغربية الوافدة، وبالحب لكل ما يمت للإسلام وللجزائر بصلة. وظلت تلك هي حالها طوال سنتين.
وفي سبتمبر سنة 1903, إنتقلت إيزابيل إلى عاصمة الجنوب الوهراني, (العين الصفراء ) كمراسلة لجريدة (الأخبار) مرتدية بذلة الفارس العربي, وباسم مستعار (سي محمود) وهذا لتغطية أحداث (المنقار وتاغيت) بولاية بشار, وأحداث قمع سكان قصر صفيصيفة, فكل الجرائد الصادرة آنذاك بالجزائر وفرنسا نشرت مقالات وتحقيقات وشهادات حول هزيمة الاحتلال في منطقة (المنقار) أمام مقاومة الشيخ بوعمامة وكانت إيزابيل قد تعرفت على الجنرال ليوتي الذي عين في الفاتح من أكتوبر 1903 قائدًا لإقليم العين الصفراء, وهو صاحب سياسة إحلال السلام حيث قال: (إن أجمل الانتصارات هي إقرار السلم للحد من الخسائر, ويجب ألا ننسى أبدا أن علينا بناء غد قريب في بلد يناصبنا العداء, سنجعله صديقًا بالعرفان, فمن الأجدر لنا أن نتصرف على طريقة ثقابة عوض طريقة المطرقة) فأمن لها الحماية، وطلب منها أن تساعده بالكتابة عن المناطق التي تزورها... وصارت بالنسبة إليه مخبرة، ومترجمة، وموفدة منه مكلفة بمهام لدى السكان المحليين.غير أن إيزابيل كانت بدأت تنهك في ذلك الحين. حياتها المتقلبة زادت من عمرها عشرات السنين وحولتها إلى ما يشبه الشبح. صحيح أن سليمان إهني لم يكن يتركها لحظة واحدة وكان يعتني بها، بصورة استثنائية. وصحيح أنها هي نفسها كانت مقبلة على الحياة. لكن الحياة كانت وراءها، والمرض مستبد بها. وبدأت تصاب بنوبات حمى لا تنقطع.
لكن هذا كله لم يمنعها من مواصلة تجوالها والكتابة، لدرجة أنها كتبت خلال سنوات قليلة ما يكتبه الآخرون في عشرات السنين.
لكن هذا كله لم يمنعها من مواصلة تجوالها والكتابة، لدرجة أنها كتبت خلال سنوات قليلة ما يكتبه الآخرون في عشرات السنين.
وفي 21 أكتوبر 1904 ويوم خروجها من المستشفى بعين الصفراء الذي مكثت به مدة 15 يومًا وفي الساعة التاسعة والنصف إلتقت بزوجها سليمان أهني في منزلهما ذي الطابق المستأجر في وسط المدينة لكن الفيضانات التي أغرقت جانبًا من المدينة, جعلت النهاية للمرأة مأساوية, بالنظر إلى سرعتها الخارقة التي أطاحت بمنزل الفقيدة التي عثر على جثتها بعد يومين من البحث تحت الأنقاض. وسجلت في هذه الحادثة ست وعشرون ضحية وعثر على مخطوطاتها التي سلمت من طرف الجنرال ليوتي إلى مؤلفها (فيكتور بريكند) وقد بعث ليوتي إلى وكالة هافاز ببرقية سريعة نقلتها الصحافة في الجزائر وفرنسا: (جثة إيزابيل عثر عليها تحت الأنقاض). وهذا مقتطف من البرقية كما وردت بجريدة (لاديباش ألجريان). بخصوص وفاتها: (عثر في العين الصفراء صباح 27 أكتوبر 1904 في الساعة التاسعة والربع على جثة إيزابيل إبراهاردت تحت الأنقاض). وسيبقى اسمها مسجلا في تاريخ الأدب الجزائري الحديث, ففي جو جنائزي وبحضور الجنرال ليوتي دفنت إيزابيل بمقبرة المسلمين (سيدي بوجمعة بالعين الصفراء) فقد كانت محبوبة بالجنوب الوهراني بشجاعتها وأعمالها وحبها لعين الصفراء, واطلاعها على الثقافة الإسلامية. وعلى قبرها الذي يتوافد عليه السياح في المنطقة نقرأ باللغتين العربية و الفرنسية (سي محمود/إيزابيل إبراهاردت) (زوجة أهني سليمان ).
وقال عنها الجنرال ليوتي: "كانت الشخص الوحيد الذي يلفت كثير الانتباه إنها المرأة العاصية ...والتي هي خارجة عن كل حكم سابق وعن كل تشيع وعن كل عبارة مبتذلة, والتي تمر عبر الحياة بقدر ما هي حرة من كل شيء كالطائر في الفضاء يا لها من متعة...".لقد عثروا إذا على الزوج سليمان حيا و لكن إيزابيل توفيت إذ لم تستطع الهرب بسبب إصابتها آنذاك بمرض الملاريا .
ستبقى حياة إيزابيل على قصرها (27سنة) لغزا محيرًا للكتاب و الباحثين فقد تحدت كل الظروف و الصعاب في سبيل تحقيق حلمها في عيش حياة البداوة و الترحال في صحراء الجزائر الشاسعة تاركة ورائها حياة المدن و مغرياتها , باحثة عن الصفاء و النقاء الروحي الذي لم تجده إلا بين هؤلاء المسلمين الطيبين من سكان الصحراء.
من أهم أعمال الصحفية و الأديبة و الرحالة إيزابيل إبراهاردت : "صفحات من الإسلام" "في ظلال الإسلام الدافئة" "في بلاد الرمال" "جنوب مدينة وهران" "القصاص" "مذكرات الطريق" "يوميات" "مخطوطات على الرمال" و غيرها من الأعمال التي نشرت في ثمانينيات القرن الماضي.
إنتهىنقل و إقتباس و تلخيص عن :
- Blog تاريخ عين الصفراء (عقون أحمد)
- الموقع الرسمي لدار الثقافة بولاية النعامة
- ترجمات لبعض المقالات الأجنبية.
- Blog تاريخ عين الصفراء (عقون أحمد)
- الموقع الرسمي لدار الثقافة بولاية النعامة
- ترجمات لبعض المقالات الأجنبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق