Comments system

111

أهلا وسهلا بكم في وادي سوف الأصيل ***وادي سوف الأصيل ***
‏إظهار الرسائل ذات التسميات إيزابيل إبراهاردت عاشقة وادي سُوف والحرية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات إيزابيل إبراهاردت عاشقة وادي سُوف والحرية. إظهار كافة الرسائل

23 نوفمبر 2010

إيزابيل إبراهاردت عاشقة وادي سُوف والحرية 3

إيزابيل إيبراهاردت
 بعد محاولة الإغتيال الجبانة التي تعرضت لها إيزابيل إبراهادت  ، يومها، بدلا من محاكمة القاتل، حوكمت الضحية و حكم عليها بالطرد باعتبارها شخصا أجنبيا غير مرغوب فيه (لاشتباه الفرنسيين بتجسسها لصالح الألمان و لعدم تقبلهم لاحتكاكها بالأهالي و العيش وفق لعادتهم و تقاليدهم ). بعد صدور الحكم عليها توجهت إيزابيل إلى مرسيليا، حيث عاشت شهور وحدة ويأس طويلة لم ينقذها منها سوى زوجها سليمان إهني الذي كان قد عقد قرانه عليها قبل ذلك بوادي سوف كما سبق ذكره وفق للشريعة الاسلامية فقام بترسيم هذا الزواج مدنيا في المحاكم الفرنسية للتمكن إيزابيل من الحصول على الجنسية الفرنسية ومن ثم العودة إلى الجزائر و بالفعل فقد عادت إيزابيل رفقة رفيق دربها سليمان إهني إلى الجزائر سنة 1902 فتعرفت على الصحافي باروكان الذي كان يستعد لإصدار صحيفة «الأخبار» كمنبر للتعبير عن تطلعات السكان المحليين ضمن إطار الحكم الفرنسي.
 صارت إيزابيل إذا صحافية في «الأخبار» وكاتبة لحسابها في الوقت نفسه. وعلى هذا الأساس راحت تتجول بين منطقة وأخرى، تكتب  قصصا وحكايات وتحقيقات صحافية. لكن تلك المرأة الغريبة الصادقة مع نفسها على الأقل، لم تنظر إلى الجزائر نظرة استشراقية، ولم تكتب لتصف لقراء الفرنسية حياة الحريم، وخفايا القصور وجمال المحضيات ومطابخ أعيان القوم، بل كتبت «عن الناس البسطاء، عن قابلة قانونية، عن جمال، عن مرابط، عن غاسلة للموتى، أو عن أصحاب القوافل وعمالها».
إيزابيل إ يبراهاردت
 طوال سنتين كانت الأصعب والأجمل في حياتها، في صحبة المحب والوفي سليمان إهني، تجولت إيزابيل وكتبت وراحت تنشر في الصحف المحلية، وأحيانا في الصحف الباريسية، وكانت كتاباتها مفعمة بالتمرد على القيم الغربية الوافدة، وبالحب لكل ما يمت للإسلام وللجزائر بصلة. وظلت تلك هي حالها طوال سنتين.
وفي سبتمبر سنة 1903, إنتقلت إيزابيل إلى عاصمة الجنوب الوهراني, (العين الصفراء ) كمراسلة لجريدة (الأخبار) مرتدية بذلة الفارس العربي, وباسم مستعار (سي محمود) وهذا لتغطية أحداث (المنقار وتاغيت) بولاية بشار, وأحداث قمع سكان قصر صفيصيفة, فكل الجرائد الصادرة آنذاك بالجزائر وفرنسا نشرت مقالات وتحقيقات وشهادات حول هزيمة الاحتلال في منطقة (المنقار) أمام مقاومة الشيخ بوعمامة وكانت إيزابيل قد تعرفت على الجنرال ليوتي الذي عين في الفاتح من أكتوبر 1903 قائدًا لإقليم العين الصفراء, وهو صاحب سياسة إحلال السلام حيث قال: (إن أجمل الانتصارات هي إقرار السلم للحد من الخسائر, ويجب ألا ننسى أبدا أن علينا بناء غد قريب في بلد يناصبنا العداء, سنجعله صديقًا بالعرفان, فمن الأجدر لنا أن نتصرف على طريقة ثقابة عوض طريقة المطرقة) فأمن لها الحماية، وطلب منها أن تساعده بالكتابة عن المناطق التي تزورها... وصارت بالنسبة إليه مخبرة، ومترجمة، وموفدة منه مكلفة بمهام لدى السكان المحليين.غير أن إيزابيل كانت بدأت تنهك في ذلك الحين. حياتها المتقلبة زادت من عمرها عشرات السنين وحولتها إلى ما يشبه الشبح. صحيح أن سليمان إهني لم يكن يتركها لحظة واحدة وكان يعتني بها، بصورة استثنائية. وصحيح أنها هي نفسها كانت مقبلة على الحياة. لكن الحياة كانت وراءها، والمرض مستبد بها. وبدأت تصاب بنوبات حمى لا تنقطع.
لكن هذا كله لم يمنعها من مواصلة تجوالها والكتابة، لدرجة أنها كتبت خلال سنوات قليلة ما يكتبه الآخرون في عشرات السنين.
من فيلم  إيزابيل إ يبراهاردت
وفي 21 أكتوبر 1904 ويوم خروجها من المستشفى  بعين الصفراء الذي مكثت به  مدة 15 يومًا وفي الساعة التاسعة والنصف إلتقت بزوجها سليمان أهني في منزلهما ذي الطابق المستأجر في وسط المدينة لكن الفيضانات التي أغرقت جانبًا من المدينة, جعلت النهاية للمرأة مأساوية, بالنظر إلى سرعتها الخارقة التي أطاحت بمنزل الفقيدة التي عثر على جثتها بعد يومين من البحث تحت الأنقاض. وسجلت في هذه الحادثة ست وعشرون ضحية وعثر على مخطوطاتها التي سلمت من طرف الجنرال ليوتي إلى مؤلفها   (فيكتور بريكند) وقد بعث ليوتي إلى وكالة هافاز ببرقية سريعة نقلتها الصحافة في الجزائر وفرنسا: (جثة إيزابيل عثر عليها تحت الأنقاض). وهذا مقتطف من البرقية كما وردت بجريدة (لاديباش ألجريان). بخصوص وفاتها: (عثر في العين الصفراء صباح 27 أكتوبر 1904 في الساعة التاسعة والربع على جثة إيزابيل إبراهاردت تحت الأنقاض). وسيبقى اسمها مسجلا في تاريخ الأدب الجزائري الحديث, ففي جو جنائزي وبحضور الجنرال ليوتي دفنت إيزابيل بمقبرة المسلمين (سيدي بوجمعة بالعين الصفراء) فقد كانت محبوبة بالجنوب الوهراني بشجاعتها وأعمالها وحبها لعين الصفراء, واطلاعها على الثقافة الإسلامية. وعلى قبرها الذي يتوافد عليه السياح في المنطقة نقرأ باللغتين العربية و الفرنسية (سي محمود/إيزابيل إبراهاردت) (زوجة أهني سليمان ).
قبر إيزابيل إ يبراهاردت بعين الصفراء
  وقال عنها الجنرال ليوتي: "كانت الشخص الوحيد الذي يلفت كثير الانتباه إنها المرأة العاصية ...والتي هي خارجة عن كل حكم سابق وعن كل تشيع وعن كل عبارة مبتذلة, والتي تمر عبر الحياة بقدر ما هي حرة من كل شيء كالطائر في الفضاء يا لها من متعة...".
لقد عثروا إذا على الزوج سليمان حيا و لكن إيزابيل توفيت إذ لم تستطع الهرب بسبب إصابتها آنذاك بمرض الملاريا .
 ستبقى حياة إيزابيل على قصرها (27سنة) لغزا محيرًا للكتاب و الباحثين فقد تحدت كل الظروف و الصعاب في سبيل تحقيق حلمها في عيش حياة البداوة و الترحال في صحراء الجزائر الشاسعة تاركة ورائها حياة المدن و مغرياتها , باحثة عن الصفاء و النقاء الروحي الذي لم تجده إلا بين هؤلاء المسلمين الطيبين  من سكان الصحراء.

من أهم أعمال الصحفية و الأديبة و الرحالة إيزابيل إبراهاردت :  "صفحات من الإسلام" "في ظلال الإسلام الدافئة" "في بلاد الرمال" "جنوب مدينة وهران" "القصاص" "مذكرات الطريق" "يوميات" "مخطوطات على الرمال" و غيرها من الأعمال التي نشرت في ثمانينيات القرن الماضي. 
                                                              إنتهى
نقل و إقتباس و تلخيص عن :
- Blog تاريخ عين الصفراء (عقون أحمد)
- الموقع الرسمي لدار الثقافة بولاية النعامة
- ترجمات لبعض المقالات الأجنبية. 

22 نوفمبر 2010

إيزابيل إبراهاردت عاشقة وادي سُوف والحرية 2

رحلتها الأولى لوادي سُوف :وصلت إيزابيل إبراهاردت إلى مدينة الوادي لأول مرة يوم: 4 أوت 1899 بتكليف بمهمة من طرف السيدة (المركيز دوموراس - رتزي) للتحقيق في مقتل زوجها في سنة 1895 على الحدود الجزائرية - التونسية - الليبية.وبعد المضايقات التي حاصرتها من طرف الإدارة العسكرية التي كانت تصفها بالعين الشريرة, وعلقت عليها قائلة (إن هذه المرأة الروسية بالاسم الألماني وبالزي الرجالي (زي الفرسان) والتي تعاشر القبائل, وترسم وتكتب لاشك أنها جاسوسة)!فغادرت إيزابيل إبراهاردت الوادي بعد خمسة عشر يومًا من قدومها.
رحلتها الثانية لوادي سُوف : رجعت إيزابيل إبراهاردت الى وادي سُوف يوم 2 أوت 1900 باسم مستعار هو (محمود السعدي) برغبة الإقامة الدائمة, لانبهارها بطبيعة المنطقة وجمال عمرانها, وحسن أخلاق أهلها, وأقامت بمسكن شعبي وكتبت تقول: "إنني بعيدة عن العالم, والحضارة! ومهازلها المنافقة, إنني وحدي في دار الإسلام في الصحراء حرة, وفي أحوال صحية جيدة...الوادي, البلد الذي لا تعد قبابه, هي البلدة الوحيدة التي أقبل العيش فيها للأبد, دائمًا. أريد شراء أرض صالحة للزراعة, وأجعل فيها جنانا وبئرًا ونخلاً" , ثم بعد هذا اشترت إيزابيل (حصانًا) وأطلقت عليه اسم (سُوف).

وبدأت في رحلاتها الطويلة في المنطقة, وقد اعتنقت الطريقة القادرية, وذلك عن طريق السي الطبيب و(سي محمد الحسين) ورجال دين آخرين مشهورين في المنطقة كأولياء صالحين مثل (سي الهاشمي) و(سي محمد الليمام), وتعرفت فيما بعد على الرقيب (السباحي سليمان اهني) والذي أصبح فيما بعد رفيقها في الحياة, حيث تزوجا طبقًا للشريعة الإسلامية, في الزاوية القادرية بالوادي, وتم العقد لإيزابيل باسم عربي هو (مريم) وهو الاسم الذي كانت توقع به بعض رسائلها, وكتبت عن زوجها سليمان (الله قد أشفق علي, لأنه استجاب لدعائي, وأعطاني الرفيق الأمثل الذي كنت دائمًا أرغب فيه, والذي دونه كانت حياتي ستكون مفككة وحزينة...).وفي 29 يناير 1901تعرضت لحادث أليم, وعنيف في منطقة, (البهيمة) (حساني عبد الكريم حاليا) قرب الوادي, من طرف شاب يدعى (عبدالله بن محمد) من الطريقة التيجانية, الذي وجه لها ضربة سيف أصابتها في الذراع, إصابة خطيرة, بدعوى إهانتها للإسلام, عندتشبهها بالرجال, وفي تقمصها لزي الفرسان العرب, وعدم احترامها للشريعة التي تحرّم ذلك, وهذا دون النظر إلى دوافعها في ذلك وأحوال البلد الغارقة في الخوف والرعب, هذه الضربة أقعدتها في مستشفى الوادي أربعين يومًا, ومع ذلك فأثناء المحاكمة أشفقت إيزابيل على الشاب عبدالله لأنها علمت أن مدبري الجريمة, هم من عملاء الإدارة الاستعمارية(بيرو عراب),ودافعت عنه أمام محكمة قسنطينة في 18 يونيو 1901, ومع كل ذلك, فقد حكمت المحكمة على عبدالله بالأشغال الشاقة, وعلى إيزابيل بالنفي كشخص أجنبي, وكان حكمًا قاسيًا وعنصريًا لكليهما من قبل القضاء الفرنسي العسكري, وتأسفت إيزابيل عن قسوة الحكم علانية, وكتبت خواطرها نحو الرجل (إنني بحثت في عمق قلبي عن الحقد نحو هذا الرجل, فلم أجده ولا الكره كذلك)               

وفي رسالة بتاريخ 7 يونيو 1901 إلى جريدة (لاديباش ألجريان) قالت فيها: (لا يا سيدي المدير, إنني لست سياسية ولا عميلة لأي حزب ما, لأنني لا أراهم إلا مغرورين في نضالهم, إنني أريد العيش بعيدًا عن العالم المتحضر!! أريد حياة حرة وبدوية وهذاحلمي, لأجل أن أنقل كل ما أراه, وأنقل قشعريرة الحزن والسحر الذي أحسّ به أمام العظائم المحزنة للصحراء, هذا كل ما في الأمر).
وأثناء إقامتها في الوادي, التي دامت سبعة أشهر, قامت بأعمال خيرية وإنسانية, حيث كتبت في الرسالة ذاتها: "...بعد حادث الاعتداء من قبل المسمى عبدالله بن محمد, لقد قلت في رسالتي الأولى إن أهل (سُوف), ومريدي الطريقة القادرية, وكذلك الطريقة التيجانية قد أظهروا بالغ حزنهم العميق, وكامل تأثرهم بعد ما علموا بالحادث المؤلم الذي تعرضت له خلال محاولة الاغتيال النكراء, لذا فأنا مدينة لهؤلاء من أهل وادي سوف الطيبين, وما يتصفون به من حنان ومودة وإخاء غمروني به خلال استطاعتي في معالجة السكان, بما لي من معرفة في الطب, من أمراض العيون المختلفة, كالرمد, وأمراض أخرى منتشرة في الناحية, لقد وهبت نفسي لعمل الخير, وخير الإنسانية في كل مكان أوجد فيه"... يتبع

19 نوفمبر 2010

إيزابيل إبراهاردت عاشقة وادي سُوف والحرية 1

إيزابيل+إيبراهاردت سنة 1887
تقديم : إن المتأمل لسيرة حياة هذه المغامرة الأوربية على قصرها لا يصاب بالدهشة و الذهول و الفضول لمعرفة أسرار الحياة العجيبة و الغريبة التي عاشتها هذه المرأة البطلة المغامرة التي تركت وراءها مفاتن و مغريات الحياة الأوربية على كثرتها مفضلة حياة البداوة و الصحراء باحثة عن ذاتها و سط سكون الصحراء التي أغرمت بها و بأهلها الطيبين كما و جدت في دينهم الحنيف الملاذ الأمن الذي ارتمت بين أحضانه.
مولدها : وُلدت إيزابيل ويلهيمين ماري إبراهاردت يوم 17 فبراير 1877 بـ (ميران) جنيف (سويسرا) من أم أرستقراطية روسية تدعى (نتالي دوروتي شرلوت إبراهاردت) أرملة الجنرال (بفال كرلوفتش دوموردر) المتوفى في موسكو يوم 23 أبريل 1873 ومن أب هويته مختلفة, والتي لا أحد يقدر أن ينكرها, ففي رسالة إلى صديقها التونسي (علي عبدالوهاب) المؤرخة يوم 1 يناير 1898 أي بعد بضعة أسابيع من وفاة الأم (إيزابيل) ذكرت أن أمها صرحت لها وهي على سرير الموت بأنها ابنة طبيب مسلم .
نشأتها : وفي جنيف كان لها ارتباطات مع أوساط المهاجرين, فكانت تستقبل المطرودين والثوريين الهاربين من سيبيريا, والشباب الأتراك المعارضين للحكم السلطان عبدالحميد. وكذلك المربي والأب الروحي لإيزابيل الروسي ألكسندر تروفمسكي الذي كان راهبًا في الكنيسة الأرثوذكسية والذي كان له دور فعال في روسيا كمعارض ترعرعت إيزابيل إبراهاردت في هذا السياق, وتأثرت به, ولكن صقلت فكرها من خلال رحلتها الثرية, واحتكاكها بالثقافة الإسلامية والعربية, اتصلت بالمواطن المصري المعروف (أبو نظارة) (المتعدد اللغات), مدير جريدة مؤيدة للشرق في باريس, أصبح صديقًا وفيًا لإيزابيل, ونصحها بالمساهمة لمعرفة الحياة والعادات والأخلاق الخاصة بالمسلمين في الجنوب الجزائري, وكان من المستحيل عند اتصالها بالشيخ (أبو نظارة)( وهو صديق جمال الدين الأفغاني) (1838-1897) أحد رواد النهضة الإسلامية والدعوة إلى إصلاح أحوال المسلمين, وتحرير شعوبهم من الاحتلال والاستبداد, كان من المستحيل ألا يتناول هذا الاتصال, الحديث عن الإسلام وحركة النهضة والاحتلال الغربي لشمال إفريقيا....إلخ. وهذا الاحتكاك بالمسلمين والثقافة الإسلامية أعطى لإيزابيل نظرة موضوعية, فكانت من القلائل, إن لم نقل الوحيدة في بداية هذا القرن التي حاولت وعملت على إظهار إنسانية المسلمين, وأخلاقهم كالأمانة وحسن الضيافة والشجاعة. وشاركت في الواقع الجماعي للمسلمين, بل وبقناعة راسخة بشرت بإخفاق الاحتلال, في الوقت الذي كان فيه مفكرون وصحفيون كصاحب الأيديولوجية الاستعمارية العنصري والأكاديمي (لويس برتون) وتلامذته من أمثاله يسيرون في الاتجاه المعاكس لفرض القيم اللاتينية والمسيحية, وضرب القيم العربية والأمازيغية في الشمال الإفريقي التي عملت إيزابيل على استمرارها...يتبع